الديتوكس اليومي: كيف تساعد جسمك على التخلص من السموم؟

حكاية سقوط كابول في يد حركة طالبان
كيف تبخر الجيش الأفغاني واختفى عناصره أمام تمدد حركة طالبان في أفغانستان، وهو الجيش الذي صرفت الولايات المتحدة وحلف الناتو أكثر 150 مليار دولار لتدريبه وتسليحه وإعداده لحماية أراضي أفغانستان؟
سؤال جاءت إجابته في تقرير لصحيفة "واشنطن بوست" الأميركية، حيث اعتبرت الصحيفة في تقرير أن حركة طالبان دأبت منذ العام الماضي على رشوة الجنود والضباط ذوي الرتب الدنيا لتسليم مواقعهم والسلاح في مواقعهم النائية. وتطور الأمر صعوداً، فبلغت الوحدات الإدارية والولايات، ولم تقع معارك بل تسلم وتسليم غالباً، فيما يؤكد خبراء لمجلة "فورين بوليسي" الأميركية أن المشكلة ليست في عدم كفاءة وكفاية القوات الأمنية والعسكرية الأفغانية، ولا سيما القوات الخاصة منها، بل في فساد حكومة الرئيس الأفغاني أشرف غني، وضعف القيادة والأنانية.
يكفي القول إن الجنود لم يقبضوا رواتبهم منذ أشهر، وإن الإمدادات انقطعت عن الوحدات العسكرية، فراحت كل وحدة منها تعقد الصفقات مع حركة طالبان من أجل النجاة، ويتهم مسؤولون أفغان سابقون الرئيس غني بإعاقة الجيش عن اتخاذ أي تدبير دفاعي حقيقي لوقف زحف طالبان.
ويبدو أن الاتفاق بين حركة طالبان وحكومة الولايات المتحدة الأميركية في شبباط العام 2020 كان له وقع سيء جداً على معنويات النظام من أعلاه إلى أسفله. فحركة طالبان باتفاقها مع واشنطن ارتقت دفعة واحدة من منظمة إرهابية إلى طرف سياسي معترف به من قبل الولايات المتحدة. لذا افتقر رجال النظام إلى أي حافز للاستمرار في القتال. حتى الرئيس أشرف غني تصرف بطريقة أثارت الشبهات لدى أقرب المقربين، فضلاً عن مساعديه وحلفائه وشركائه في الحكم.
لذلك هم يحملونه المسؤولية الكبرى عن سقوط النظام، ويتحدثون عن الخداع الذي مارسه للإيقاع بهم، كما يرى سياسيون ممثلون للأقليات العرقية والمذهبية المعارضة تاريخياً لحركة طالبان أن باكستان الراعية التقليدية للحركة قامت بدور أساسي في إدارة الحملة المظفرة لطالبان التي انتهت بسقوط كابول.
كيف وصلت قوات حركة طالبان إلى كابول؟
هجوم حركة طالبان الذي انطلق في الأول من شهر أيار كان منسقاً ومنسجماً ومدهشاً بنظر العسكريين، إذ انطلقت الحركة في كل أرياف أفغانستان دفعة واحدة، فطوقت مراكز الولايات، ثم أطبقت على الولايات الشمالية والغربية التي تضم الأقليات الطاجيكية والأوزبكية، فكان السقوط المدوي لمدينة مزار الشريف في الشمال من دون قتال. وبعد ذلك، استعادت طالبان معاقلها التقليدية في الجنوب، ولا سيما مدينة قندهار. وأخيراً سيطرت على الولايات الشرقية المحاذية لباكستان والقريبة من العاصمة كابول. ولقد اعتمدت طالبان الاستراتيجية الأميركية المعروفة باسم "الصدمة والرعب".
وكان لافتاً انهيار مؤسسة الدولة الأفغانية بشكل سريع للغاية، حيث فر الرئيس الأفغاني أشرف غني من كابول إلى سلطنة عمان، كما هرب جميع أركان الدولة من وزراء ونواب وقادة الجيش وكبار الضباط والمسؤولين إلى عدد من الدول، ولكن أكثر ما آلم المتابعين للوضع الأفغاني هو مشهد تعلق المواطنين الأفغان بعجلات الطائرات الأميركية المغادرة لمطار كابول ومن ثم سقوطهم من علو شاهق حيث لاقوا حتفهم.
مشهدية سقوط كابول وسيطرة حركة طالبان على أفغانستان بالكامل، يطرح أسئلة كثيرة أبرزها، بعد عشرين سنة من التواجد الأميركي وسقوط مئات آلاف الضحايا والجرحى، في الصراع الذي كان دائراً بين الولايات المتحدة وطالبان، ما المكاسب التي جنتها أميركا من هذه الحرب، وهل كانت تستحق سفك كل الدماء التي سفكت، أم أن السماح لطالبان بالعودة إلى الحكم له أهداف أميركية مخفية، منها على سبيل المثال، تطويق إيران من الشرق وباكستان من الغرب بنظام أصولي في الخاصرة الرخوة لكلا البلدين؟
تعليقات
إرسال تعليق